كرر اللواء حسن محمد عبدالرحمن يوسف، مساعد أول وزير الداخلية، رئيس جهاز أمن الدولة «المنحل»، المتهم فى قضية قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير، المعروفة بـ«قضية القرن»، اتهامات أركان نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك لجماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس وحزب الله اللبنانى، باقتحام السجون أثناء الفوضى التى عمت البلاد، خلال المظاهرات العارمة ضد النظام، والتى انتهت بتخلى مبارك عن السلطة قبل نحو 4 سنوات.
وقال عبدالرحمن، فى شهادته، الأربعاء، أمام المحكمة، فى قضية اقتحام السجون المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسى وعدد من قيادات الإخوان، إنه فى يوم 29 يناير 2011 تم رصد تسلل بعض العناصر الفلسطينية وحزب الله اللبنانى من سيناء بعد الاتفاق مع بدو سيناء، وقامت تلك العناصر بالهجوم بشراسة على المقار الشرطية وأمن الدولة ومعسكرات الأمن المركزى بمحافظة جنوب سيناء، واحتلوا شريطًا حدوديًا بمدينة رفح، المجاور لغزة، وتراجعت عناصر التأمين فى تلك المنطقة، منوها بأن تلك المنطقة وفقًا لاتفاقيات السلام بها تسليح محدود، وكانت العناصر المهاجمة تستحوذ على أسلحة ثقيلة وسيارات دفع رباعى، واعتدت على المنشآت الشرطية، ما أدى إلى تراجع تلك القوات.
وأضاف: «وعقب ذلك، انطلقت مجموعات من هذه العناصر إلى مدينة الإسماعيلية وتوزعت إلى مجموعات، اتجه بعضها إلى محافظة البحيرة، حيث سجن وادى النطرون، والبعض إلى محافظة القليوبية نحو سجنى أبوزعبل والمرج والبعض إلى القاهرة للمشاركة فى المظاهرات».
وتابع إن المتجهين إلى سجن وادى النطرون نسقوا مع العناصر الإخوانية بمحافظة البحيرة فى الهجوم على ذلك السجن، وتمكنوا من اقتحامه بعد الهجوم عليه بالأسلحة الثقيلة وهدم أسواره واقتحام أبوابه، وتمكنوا من تهريب العناصر الإخوانية المحتجزة، وبعض المتهمين من السياسيين والجنائيين المحكوم عليهم، بينما تمكنت المجموعات التى توجهت إلى سجنى أبوزعبل والمرج من اقتحام السجون وتهريب بعض المتهمين فى بعض القضايا الخاصة بالمتهمين من حزب الله اللبنانى، وعلى رأسهم سامى شهاب وبعض المعتقلين من حركة حماس، ومن بينهم القيادى أيمن نوفل، أما المجموعات التى توجهت إلى القاهرة فقد شاركت فى مظاهرات ميدان التحرير مستخدمة ما بحوزتها من أسلحة.
بدأت جلسة المحكمة، المنعقدة بمقر أكاديمية الشرطة، بإثبات محمد الدماطى، رئيس هيئة دفاع المتهمين، اعتراضه على سماع الشاهد فى غيبة «مرسى»، فرد عليه القاضى: «تقصد المتهم محمد مرسى»، وصاح المتهمون من داخل قفص الاتهام مرددين: «الرئيس.. الرئيس»، وتدخل الدماطى وطلب منهم الصمت لإكمال طلباتهم. وسأل الدفاع القاضى عن صحة مرسى، وطلب السماح لهم بزيارته للاطمئنان عليه، فرد المستشار شعبان الشامى رئيس الجلسة: «صحته جيدة».
وأثبت القاضى تغيب الرئيس المعزول، فيما حضر قيادات الإخوان المحبوسون، وتسببوا فى حالة هياج داخل قفص الاتهام، وكعادتهم فى كل الجلسات أداروا ظهورهم لهيئة المحكمة. ويواجه المتهمون اتهامات باقتحام السجون ونهب محتوياتها من أسلحة وذخائر إبان ثورة 25 يناير 2011.. فيما قال القاضى إن مرسى تغيب لأسباب أمنية.
وقال «عبدالرحمن» إنه عقد اجتماعا فى القرية الذكية لمناقشة الأحداث المتوقعة فى 25 يناير، وفى هذا اللقاء تمت مناقشة موقف جماعة الاخوان فى هذه التظاهرات، وأعلنوا عدم مشاركتهم إلا من خلال بعض العناصر بقرار شخصى، وناقش الاجتماع الموقف إذا شاركت الجماعة فى هذه التظاهرات، وكان رد حبيب العادلى بأنه سيتم اعتقال بعض القيادات التى لها أدوار محددة.
وأكمل: فى يوم 27 يناير بعد إعلان الجماعة مشاركتها فى جمعة الغضب، اتخذ العادلى قرارا باعتقال 37 من قياداتها، من بينهم العديد من أعضاء مكتب الإرشاد، وهذا القرار لم يكتب، وتم تنفيذه فجر 27 يناير، وألقى القبض على 34 عنصرا وتم احتجازهم بمعرفة فرق أمن 6 أكتوبر، لحين عرضهم على النيابة، وكان مفترضا تحرير محاضر لعرضها على أمن الدولة، لاتهامهم بالتخابر مع دول أجنبية، لكن الأحداث التى حدثت فى جمعة الغضب بالهجوم على مقار أمن الدولة وأقسام الشرطة أربكت الخطة فى تحرير محضر، وتم ترحيلهم إلى سجن وادى النطرون لحين عرض المحضر الخاص بهم على نيابة أمن الدولة.
وأكد أن حوالى 800 شخص من حركة حماس و90 آخرين من حزب الله اللبنانى تسللوا عبر الأنفاق، وضربوا مكتب أمن الدولة فى مدينة رفح، لعدم تمكين المصادر السرية من الوصول إليهم، واستخدموا سيارات دفع رباعى تسمى «مادونا» فى تدمير المقار الشرطية، وأن دورهم تأمين الطرق الرئيسية.
وقال «عبدالرحمن» إن البلاد كانت تمر بظروف خاصة عصر 28 يناير، ولم تتمكن قوات التأمين من ضبط العناصر الإرهابية، بسبب الهجوم الشرس عليها، معتبرا أن جهاز أمن الدولة «اتهد» فى ذات التوقيت، مشيرا إلى أن هناك فرقا بين الحدود والمعابر، ولفت إلى أن البلاد شهدت وقتها فوضى حتى تنحى مبارك عن الحكم، واستمرت حتى الآن ولكن بتفاوت، وتساءل: «يعنى المسخرة اللى بتحصل فى الشارع دلوقتى تبقى إيه؟».
وأضاف أنه قبل أحداث يناير أعد جهاز أمن الدولة تقريرا يتضمن تحليلا لأحداث تونس حينها، وتم رفعه إلى وزير الداخلية، الذى قام بدوره برفعه إلى الرئاسة، وانعكاساتها على الموقف الداخلى للبلاد.
وأوضح أن التقرير تضمن «أنه رغم أن معظم المراقبين السياسيين وبعض الإعلاميين قالوا إن ما حدث فى تونس حالة خاصة يصعب تنفيذها فى دولة أخرى، لكن ما حدث فى تونس ليس ببعيد عن أى دولة عربية أخرى خاصة مصر، وأن ما يحدث فى المنطقة ليس من قبيل المصادفة وأنه مخطط يتم تنفيذه بدقة منذ احتلال العراق، وتحريك الشارع المصرى سوف يتم من خلال 3 سيناريوهات مختلفة: استغلال واقعة خاصة بالفتنة الطائفية، واستغلال أى خطأ شرطى تنتج عنه خسائر، وتبنى مجموعة من العناصر، ممثلة فى الإخوان أو الدكتور محمد البرادعى أو بعض العناصر من العملاء، يتم دفعهم للمظاهرات الاحتجاجية للوصول إلى حالة من الفوضى يصعب على النظام السيطرة عليها».
من جانبه، قال ممثل النيابة إن المخابرات الحربية لم ترد على الاستعلام عما إذا تم التصوير عبر الأقمار الصناعية فى الحدود الشرقية من الفترة 25 يناير إلى فبراير 2011، وإن النيابة سلمت المحكمة الخطاب الوارد من مديرية أمن الجيزة عن تحديد نوع دفتر أحوال الأمن المركزى، قطاع 6 أكتوبر عن الفترة فى 28 و29 يناير 2011.
وقال «عبدالرحمن» إن جهاز أمن الدولة، من خلال مصادره السرية، تمكن من رصد الاجتماعات التى كانت تجرى بين قيادات الإخوان وخالد مشعل، المسؤول السياسى بحركة حماس فى تركيا ولبنان ودمشق، تتم على هامش المؤتمرات التى تجرى فى هذه البلدان، وكان من بين ما رصده اجتماع «مشعل» باعتباره موفدا من قبل التنظيم الدولى للإخوان مع عناصر من الحرس الثورى الإيرانى والمستشار السياسى للإمام الخومينى، والذى انتهى بتسليم «مشعل» لهؤلاء 11 جواز سفر مصريا مزورا لاستخدامها من خلال العناصر داخل البلاد، وكانت هيئة مكتب الإرشاد مكونة من 7 من قياداتها، من بينهم الدكتور محمد مرسى وسعد الكتاتنى وعصام العريان.
وأضاف «عبدالرحمن» أن «مشعل» قابل حازم فاروق، القيادى الإخوانى فى لبنان، وسأله «فاروق» عن مرشد جماعة الإخوان الجديد، فرد عليه بأنه محمد بديع، وسأله عن سبب استبعاد كل من الدكتور محمد حبيب وعبدالمنعم أبوالفتوح من عضوية الهيئة، فرد عليه بأنهما من تيار الإصلاح، وهو الأقل تشدداً من التيار القطبى، وأن مكتب الإرشاد حريص على أن يكون أعضاؤه من العناصر القطبية، وأن تيار الإصلاح يعوق عملهم.
وطلب «مشعل» بالخارج من «فاروق» ضرورة قلب نظام الحكم فى البلاد، وأخبرهم بأنهم مستعدون وجاهزون للمعاونة، وأصدر «مشعل» تعليماته برفع حالة الاستعداد بداخل حركة حماس، وسأل الدفاع «عبد الرحمن»: لماذا؟ فقال «العادلى» فى اجتماعه: إن الإخوان لو شاركوا فى المظاهرات يجب اعتقال قياداتهم، فأجاب أن الجهاز بعد أن علم أن «مرسى» يشارك فى التخابر لصالح دول أجنبية تم رصد اتصالاته التليفونية، وكان من بينها اتصاله مع أحمد عبدالعاطى الذى كان متواجداً فى تركيا، وتبين من المكالمة مشاركة الإخوان فى المؤامرة على الوطن، وأنه على اتصال بعناصر من المخابرات الأمريكية والرئيس التركى الحالى رجب أردوجان كان فى ذلك الوقت رئيساً للوزراء، ولهذا قال وزير الداخلية: لو تأكد لنا مشاركتهم فى المظاهرات سيتم اعتقالهم تمهيداً لعرضهم على النيابة العامة.. كان سيتم تنفيذه.
وسمحت المحكمة للمتهم «صبحى صالح» بتوجيه أسئلة للشاهد، وبدأ حديثه قائلا بأنه محبوس مع الرئيس محمد مرسى بسجن برج العرب وأنه يشعر بالخوف عليه لأنه لا يوجد أى دواع أمنية تستدعى منع إحضاره لجلسة المحاكمة.. فطلب منه رئيس المحكمة توجيه سؤاله للشاهد فقط وعدم التطرق لأى شىء آخر لا علاقة له به.
وقال الشاهد إن جهاز أمن الدولة كان يتابع جماعة الإخوان منذ نشأتها، لكن المتابعة الحقيقية – وفقا لما قاله الآن المتهم صبحى صالح الذى أفصح عن معلومة – بأنه عام 2005 بدأ البرنامج الأمريكى للديمقراطية يعلن نشاطه، وبدأ التنسيق بين جماعة الإخوان والأمريكان من عام 2005، عبر كيان موجود فى بروكسل اسمه «مجموعة إدارة الأزمات الدولية»، أحد أعضائه القياديين يدعى «فرى يجنسكى وهومان»، مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر، وهو مهندس نظرية تفتيت الأمة العربية، برئاسة الإمام الخومينى، موضحاً أن هذا الكيان أبدى ترحيب واشنطن بقوى الصحوة الإسلامية، وكان أحد أعضاء هذا الكيان الدكتور محمد البرادعى.
واعترض محمد الدماطى وأسامة الحلو على ما ورد على لسان الشاهد، معتبرين إياه يشكل قذفاً وسباً وتعريضاً وتجريحاً فى حق جماعة الإخوان المسلمين والماثلين فى القفص، وطالبوا بالتصدى للقضية وتوجيه تهمة السب والقذف له. انتهت الجلسة بقرار المستشار شعبان الشامى، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين ياسر الأحمداوى وناصر البربرى، وتم تأجيلها إلى يوم 18 أكتوبر الجارى.
0 التعليقات:
إرسال تعليق