الجمعة، 1 نوفمبر 2013

الإرهاب والتشدد يلقيان بظلالهما على معرض الكتاب في تونس

تونس- إسماعيل دبارة: تتواصل في تونس منذ الـ25 من أكتوبر/ تشرين الأول، فعاليات المعرض الدولي للكتاب في دورته الثلاثين. ومدّدت إدارة المعرض تاريخ العرض بيومين إضافيين هما الاثنين والثلاثاء 4 و5 نوفمبر / تشرين الثاني، لتتزامن فترة التمديد تلك مع عطلة مدرسية قد تساعد التلاميذ على الاستفادة من المعرض.


وألقت الازمة التي تعيشها تونس، سياسيا وأمنيا واقتصاديا بظلالها على دورة هذا العام من معرض الكتاب، إذ بدا الاقبال ضعيفا خاصة خلال الأيام الأولى من الافتتاح.


مشاركة مكثفة


تشارك 26 دولة وأكثر من 300 عارض في معرض تونس الدولي للكتاب هذا العام، وتعد مصر أبرز المشاركين في المعرض بـ87 عارضا، تليها لبنان بـ34 عارضا، وسوريا بـ29 عارضا.


وشهد المعرض حضور جنسيات عربية وأجنبية كثيرة، إلى جانب التونسيين أهل البلد المضيّف.


قطيعة مع الكتاب


كشفت دراسة تم إعدادها في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي عن ‘عداء’ محكم بين التونسيين والمطالعة، فبحسب ‘اللجنة الوطنية للاستشارة حول الكتاب والمطالعة’، فإنّ ثلاثة أرباع التونسيين لم تطأ أقدامهم مكتبة عمومية، ، وكشفت ذات الأرقام أن ربع التونسيين لم يقرؤوا كتابا واحدا في حياتهم، وأنّ قرابة العشرين بالمائة منهم، لا يحبون الكتاب أصلا.


وكانت تونس تشكو رقابة شديدة على الكتب السياسية والدينية في عهد بن علي، لكن تلك الرقابة انهارت مع رحيله، ما جعل عدد زوار المعرض والمهتمين به يرتفع على نحو ملحوظ.


وشكلت وزارة الثقافة التي تشرف على المعرض لجنة لمتابعة مدى استجابة الكتب المشاركة لأخلاقيات الكتابة، وعدم تضمنها لرسائل مباشرة أو ضمنية محرضة على العنف أو التعصب الدينى والأيديولوجى، كما افاد المسؤولون.


سياق العنف والارهاب


معرض الكتاب لهذه السنة يجري في جوّ مشحون قوامه أزمة سياسة خانقة ينتظر التونسيون أن تنفرج مع انطلاق الحوار الوطني بين الحكام الاسلاميين ومعارضيهم العلمانيين، وسياق الارهاب الذي تفشى مؤخرا واستهدف رجال الشرطة والسائحين، على غرار التفجير الانتحاري في مدينة سوسة الساحلية والذي لم يخلف قتلى باستثناء الانتحاري نفسه، وقتل عدد من الجنود وأعوان الشرطة في الأسابيع الأخيرة.


تقول مريم الغريبي (26 سنة) للقسم العربي: ‘جئت هذه السنة خصيصا لأنتقي كتبا تفكك الفكر الديني المتشدد وتُعالج أسبابه، وطبعا، سأقتني اصدارات تتعلق بالثورات العربية خاصة ما يجرى في مصر’.


ويقول الباحث الاجتماعي المنجي سعيداني للقسم العربي إن التونسيين ليسوا في وضع نفسي مريح يجعلهم يتفاعلون مع اصدارات المعرض أو يقبلون على القراءة، بسبب الأحداث المتسارعة في بلادهم، منذ اغتيال شخصيتين معارضتين وتفشي العنف والارهاب.


الكتب السياسية والدينية


لوحظ، كما في السنة الماضية، اقبال شديد على الكتب السياسية والدينية، مع تراجع ملحوظ كذلك لعرض الكتب التي تصفها وزارة الثقافة بـ’الرخيصة’ أي تلك التي تروج للدجل والشعوذة والخرافة.


ويفسر الباحث الاجتماعي المنجي سعيداني ذلك بالقول: ‘الظاهرة السلفية أصبحت محل اهتمام فئات وشرائح اجتماعية واسعة، فهي لم تكن بارزة بهذا الشكل سابقا أي أنها معطى جديد يستحق المتابعة بالنسبة لكثيرين.


ويتردد السلفيون بشكل كبير على معرض الكتاب، ويمكن ملاحظة اقبالهم من خلال الأزياء التي تميزهم، إذ أن حضور المنقبات وأصحاب القمصان القصيرة كان لافتا.


ويفسر صالح المهداوي الذي يزور المعرض للمرة الأولى في إفادته: ‘يقال إن غالبية المساهمين والمشاركين من دول خليجية ومشرقية، أعتقد انه من الطبيعي أن تكون الكتب الدينية التي تروق للسلفيين حاضرة بقوة’.


أما نزار بالحاج قاسم فيقول: ‘الكتب الدينية موجودة وبكثافة، والحقيقة، هي لدور نشر عربية لها امتداد واسع، وما يُعاب على المعرض أن ترتيب المنشورات غير ممنهج ولو كان هناك ترتيب ممنهج حسب المضمون، لعرفنا اي نوع من الكتب صاحب النصيب الاكبر من حيث الاقبال’.


انفلات بعد الرقابة


يرى الباحث الاجتماعي المنجي سعيداني أنّ الرقابة انتفت بشكل تام على الكتب في تونس، ولذلك يبدو الأمر مشابها للفوضى، فتبرز الكتب التي تروج للتشدد والفكر السلفي، والتي يواكبها طلاب وشباب يمثلون أرضية خصبة للتيار المتشدد نظرا لعدم توفر الحصانة الفكرية لديهم.


ويعتبر سعيداني معرض الكتابة بمثابة الفرصة السانحة لأنصار الفكر السلفي لترويج أفكارهم، مشددا في ذات الوقت على أن الإقبال صار ضعيفا على الكتب التي تروج لأفكار يسارية أو تنويرية، والتي أخذت حظها سابقا ولم تعد مغرية اليوم للشباب الذي يبحث عن الجديد.


الأزمة والغلاء


يتجول طلبة الجامعات بين أروقة المعرض، لكن كثيرين اشتكوا في إفاداتهم للقسم العربي من غلاء أسعار الكتب خاصة العلمية، لكن المتعودين على اقتناء الكتب على مدار السنة، رحبوا بالأسعار واعتبروها مناسبة.


ويقول الطالب نزار بالحاج قاسم: ‘الواضح أنّ جمهور المعرض لم يتأثر بالوضع السياسي والامني بقدر ما تأثر بالوضع الاقتصادي المتأزم الذي قلّص المقدرة الشرائية للمواطن، لا ننسى أن دورة هذا العام أعقبت مباشرة العودة المدرسية وعيد الاضحى، وهذه المناسبات وغيرها تثقل كاهل المواطن بالمصاريف’.





0 التعليقات:

إرسال تعليق