الاثنين، 30 ديسمبر 2013

هل تحمل وسائل التواصل الاجتماعي رياح التغيير إلى الخليج؟

أدت موجة الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين إلى تغييرات جذرية في أنظمة عدد من الدول العربية.

وظلت دول الخليج العربي بعيدة عن هذه التغييرات، إلا ان وسائل التواصل أصبحت مصدر قلق للسلطات والأسر المالكة في تلك البلدان.

ولمواجهة مثل هذه الظاهرة الجديدة اتخذت حكومات الخليج إجراءات من شأنها ان تضع حدا لمساحة الحرية التي قد تسمح بها صفحات التواصل.


إجراءات قانونية صارمة

في ديسمبر من عام 2012، اقرت حكومة الإمارات تعديلات قانونية بشأن “جرائم الانترنت” ، تنص على عقوبة السجن ثلاث سنوات لكل من استخدم الانترنت او صمم موقعاً على الانترنت بقصد السخرية او الاضرار بسمعة الدولة او رئيس الدولة او نائبه او أي من حكام الامارات السبع، او أي شيء يتعلق بعلم البلاد أو النشيد الوطني او أي رمز من رموز الدولة.


ورأت منظمة هيومان رايتش ووتش ان “الهدف من وراء هذا القانون هو فرض قيود صارمة على حرية التعبير”.

بعد إصدار تلك القوانين ، قامت الحكومة الإماراتية بشن حملة على النشطاء ، اعتقلت بموجبها سبعة نشطاء، منهم ثلاثة كانوا يؤدون العمرة في السعودية ويعتقد انهم استخدموا تويتر لبث رسائل تأييد لنشطاء معتقلين.

بينما قال مركز الامارات لحقوق الانسان ان الاربعة الاخرين اعتقلوا ضمن سعي الحكومة للوصول الى معارض لديه حساب على تويتر يكشف عن هوية ضباط متنكرين، يعملون لجهاز امن الدولة التابع لوزارة الداخلية.


معارضة الحكومة في البحرين


وفي يوليو/تموز من عام 2012، قامت السلطات في البحرين باعتقال رئيس المركز البحريني لحقوق الإنسان الناشط والمدون نبيل رجب بعد ان نشر تغريدة على توتير تتعلق برئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة.

وقد اثار اعتقال نبيل غضباً دوليا، وأرسل 19 عضوا في الكونغرس الأمريكي رسالة إلى ملك البحرين يطالبون فيها بإطلاق سراح رجب واحترام حق الشعب البحريني في حرية التعبير.

وتم تبرئة رجب من تهمة إهانة رئيس الوزراء بعد استئناف الحكم، ولكنه سجن على ذمة قضايا اخرى تتعلق بالمشاركة في تجمعات غير قانونية وتعكير صفو النظام العام.


واوضح الناشط البحريني في تغريدة على حسابه على توتير، الذي يتابعه أكثر من مئتي ألف شخص: ” بسبب تغريداتي حكم علي في 9 يوليو/تموز لمدة 3 سنوات، ويقوم اصدقائي الآن بالاهتمام بحسابي على موقع توتير نيابة عني”.


انتقاد أسر ملكية


في عام 2012 قضت محكمة كويتية على المدون حمد النقي بالسجن عشر سنوات بتهم منها الإساءة إلى النبي محمد وإلى ملكي السعودية والبحرين على حسابه بتويتر، وفي نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الحالي، أيدت محكمة استئناف الحكم.

وقال جو ستورك نائب مدير إدارة الشرق الأوسط في هيومان رايتس ووتش ” إن معاقبة حمد النقي لانتقاده المملكتين المجاورتين ينتهك بوضوح المعايير الدولية للحقوق.” وان قرار محكمة الاستئناف أظهر “مدى قلة احترام الكويت لحرية التعبير.”


استجابة في قطر

ولكن السلطات قد ترضخ احيانا إلى ضغط من مواطنيها إزاء قضية ما، كما حدث في الدوحة في أكتوبر من العام الجاري، عندما أزالت السلطات تمثال “نطحة زيدان” البرونزي للفنان الفرنسي الجزائري الأصل عادل عبد الصمد بعد أسابيع من وضعه هناك.


جاءت تلك الخطوة بعد جدل أثير في مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة على موقع توتير حول نصب التماثيل من الناحية الدينية، ، حيث ذكر هاشتاج #تمثال_زيدان_في_قطر في أكثر من أربعة ألاف تغريدة خلال بضعة أسابيع فقط.


“رياح التغيير” في السعودية


تعتبر السعودية الدولة الأكثر نشاطاً في العالم على تويتر، وفقاً لدراسة نشرت في نوفمبر/تشرين الثاني هذا العام، حيث تصل نسبة مستخدمي توتير نحو الثلث من إجمالي مستخدمي شبكة الأنترنت الناشطين في المملكة.


ويظهر تقرير آخر نشرته شركة “غلوبال ويب اندكس” ان السعوديين هم ثاني أسرع مستعملي توتير نمواً، بعد إندونيسيا.

وفي تصريح له، قال الإعلامي السعودي جمال خاشقجي: ” إن توتير وفيسبوك لديهما تأثير بحجم لم نشهده من قبل، والتغيير في المملكة السعودية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي قد بدأ فعلاً”.

استخدم هاشتاج #قيادة_المرأة اكثر من ستمئة ألف مرة على توتير على مستوى العالم، في إشارة لحجم الجدل الذي أثارته قضية عدم السماح للمرأة بالقيادة في السعودية، وقامت ناشطات سعوديات بتنظيم حملة “26 اكتوبر”، للاحتجاج على منع النساء من القيادة في المملكة، وقرروا الخروج وقيادة سيارتهن في السادس والعشرين من اكتوبر/تشرين الأول.


لاقت الحملة اقبالا كبيرا، حيث استخدم هاشتاغ “#26_أكتوبر” أكثر من تسعة الاف مرة على توتير، ولكن السلطات في السعودية حاولت التصدي لتلك الحملة.

وقالت هالة الدوسري، إحدى الناشطات بالحملة في تصريح للبي بي سي: “طيلة أسابيع، لم تصدر السلطات أي تحذير، بل في الواقع كان هناك مناخ من الدعم.”

ثم حدث تغيير في الموقف العام، عندما حذر منصور التركي، الناطق باسم وزارة الداخلية، في تصريح صحفي له قائلاً: ” من المعروف ان النسوة في السعودية ممنوعات من قيادة السيارات، وستطبق القوانين بحق المخالفات وكل من يتظاهر تأييدا لهن”

ورأت الدوسري ان التغيير في الموقف كان له علاقة بزيارة 150 من كبار رجال الدين للمحكمة الملكية.

ادى ذلك التحذير إلى تراجع الناشطة عن خططها لـ26 من أكتوبر، مفسرة بقولها “نعتقد أن الناشطات اللاتي دعون للقيادة، سيتم استهدافهن بالتحديد وإيقافهن.”


وعلى الرغم من ذلك، صرحت الناشطة عزيزة يوسف لوكالة اسوشيتد برس أن منظمي الحملة تلقوا 13 مقطعا مصورا لنساء يقدن سياراتهن، بالإضافة إلى خمسين رسالة نصية من نساء يزعمن أنهن قدن سياراتهن، كما أفادت بأن منظمي الحملة لم تردهم أي تقارير عن اعتقال الشرطة أو تغريمها لأي من النساء.


عالم افتراضي واقعي؟


وجهت بي بي سي العربية الأسئلة التالية لمتابعيها: كيف تفسر الاستعمال الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي في دول الخليج؟ وكيف ترى تأثيرها على حرية التعبير والاستقرار في هذه الدول؟ هل فرض قيود عليها يدعم الاستقرار أو يسيء إليه؟


وتنوعت الآراء بين مؤيد ومعارض، نبدأ بمداخلة من الهجر قاسم الهجر من سوريا، يقول : ” لأنها دول غنية وشعوب غنية والكثير منهم يعتبرون النت من وسائل الترفيه المسلية وليست وسيلة علم ومعلومات، ولأن العمالة الأجنبية كثيرة فيها لذلك لا تدعم حرية التعبير في الوقت الحالي بشكل كبير. وأعتقد في المستقبل ستكون عدوة للاستقرار في الخليج . وستكون وسيلة رسمية للتعبير.”


بينما قال مهند العدوان من الأردن: “هذا العالم الافتراضي اصبح واقعا وحياة ترعب الزعماء والفاسدين واغلب الناس تلجأ اليه لأنها تعبر بلا قيود عن مكنون النفس، بدون تأثير ولا خوف. واما عن السلبيات فهي تبين واقع التربية المجتمعية، فلا نستغرب ولا نتعجب لأننا اكتشفنا الحقيقة الخفية ولكني شخصيا ارجح فاعليته وافادته للناس اجمع فمن كان يجرؤ بدولنا العربية على نشر اخبار او حتى التفوه بها في الواقع لولا وسيلة الانترنت العظيمة.


ويواقفه إبراهيم الدرعوي من الكويت بقوله: “فرض القيود على الآراء يجعلك تلغي مسألة “حرية التعبير”، الرقابة وحدها تعني أن آراءك مقيدة و محدودة بما تمليه و ترضى به حكومتك، لا بما تمليه و ترضى به عقليتك. الاستعمال الواسع يجعلني متفائل بأن الشعوب بدأت تنهض بفكرها نحو الافضل و الانفتاح على العلم و التعبير و الاطلاع أمراً مفروغ منه عاجلاً أم آجلاً و ستصبح الشعوب حرة و لا صوت فوق صوتهم اما الساسة و السياسيين ، فلن يبقى لهم سوى واجبهم المفروض عليهم اتجاه الدولة و مواطنيها.”


بينما يرى عبد الله بو العجوي من تونس ان الاستعمال الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي في دول الخليج ” سيء عليها، لأنه أصبح من المستحيل الاستغناء عن هذه المواقع و في حال فرض أي قيد عليها فإن هذه المنطقة لا تنقصها توترات وفي رأيي أن المواقع الاجتماعية مساهمة و بقوة في حرية التعبير من نقد و طرح فكرة و التوسع في موضوع ما”


اسباب ذلك الاستعمال المنتشر وفقاً لماجد عمر من مصر هي: ” التكنولوجيا، الفراغ، الترف، كلها أسباب متعددة ؛ بالفعل قد تؤثر، لقد أصبح الشباب عصب الأوطان يستمع ويستوعب من هذه التكنولوجيا أكثر من استماعه لأهل بيته وبالتالي تشكل وجهة نظره وثقافته والتي تنعكس علي أداء واستقرار وطنه اكيد ؛ أعتقد أنه يجب فرض بعض القيود علي استخدامها والحذر منها بعض الشيء كما هو الحال في الصين.”





0 التعليقات:

إرسال تعليق