الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

سياسيون مصريون يهربون من السياسة

نظمت مؤسسة بلادي جزيرة للإنسانية والجمعية الأهلية لتنمية الوعي الفكري والثقافي فاعلية بعنوان اجري من السياسية تستهدف التركيز على الهموم المباشرة للمواطن المصري وإخراجه من حالة الاحتقان السياسي التي تشهدها البلاد.


وتعتمد الفاعلية على الفن والرياضة كوسائل لجذب الجمهور في اتجاه العمل المدني وذلك من خلال حدث ماراثون يحمل نفس العنوان انطلق الثلاثاء.


كانت هناك ثلاث نقاط بداية حيث تنطلق ثلاث مجموعات من أماكن مختلفة هي المتحف المصري ووزارة الثقافة ودار الأوبرا المصرية إلى نقطة تجمع واحدة بميدان عابدين حيث تُقام حفلات لفرق موسيقية شبابية تقدم عروضها في الشارع.


تنطلق المجموعة الأولى، التي تحمل اسم صالح سليم وتتكون من مشاركين تتراوح أعمارهم من 18 إلى خمسين عامًا، من أمام وزارة الثقافة الزمالك.


أما المجموعة الثانية فتنطلق من أمام دار الأوبرا المصرية باسم إسحاق حلمي، أول سباح مصري يعبر المنش، وتضم الفئة العمرية أقل من 18 سنة وحتى 5 سنوات.


وهناك أيضًا مجموعة فوق الخمسين عامًا تنطلق من أمام المتحف المصري تضم شخصيات عامة ورموزا سياسية ومسؤولين بالدولة ليصل الجميع إلى نقطة الالتقاء ويبدأ المرح على أنغام فرق شبابية من بينها عالرصيف و كاريزما .


كانت البداية في مكان بعيد عن عدسات الفضائيات وصفحات الجرائد وخارج دائرة الجدل والصراع السياسي في مصر عندما قررت مجموعة من الشباب أن تعمل في صمت لتحقيق صالح المواطنين.


ورغم ضعف الموارد، فإن الشباب تمكن من تأسيس بلادي جزيرة للإنسانية ، المؤسسة المنظمة لماراثون اجري من السياسة من تقديم خدمات للمجتمع في قطاعات هامة وحيوية أهمها التعليم والنظافة ومكافحة التحرش.


يؤكد ذلك ما صرح به الناشط السياسي عبد العظيم عبده لبي بي سي إن الاتجاه إلى العمل المدني وتقديم الخدمات التطوعية للمجتمع هدف نبيل في حد ذاته ويمكن للشباب تحقيقه بإمكانات بسيطة لتعود فائدة كبيرة على المجتمع.


كما أنه يمكن استغلال العمل المدني من جانب الحركات والأحزاب السياسية لتثبت للمجتمع أنها تعمل لصالحه لا لصالح المناصب ومقاعد البرلمان.


يحمل الماراثون عدة رسائل يمكن استخلاصها من نقاط البداية الثلاث وهي وزارة الثقافة ودار الأوبرا المصرية والمتحف المصري.


ويريد المنظمون توصيل رسالة إلى المجتمع تتضمن أن الثقافة والفن مع الحضارة المصرية العريقة هي نقاط انطلاق نحو التقدم والرقي.


وهناك أيضًا رسالة تقدير وامتنان لأبطال الرياضة المصرية حيث تحمل مجموعات الماراثون أسماء صالح سليم، الرمز الرياضي الكبير وأحد رؤساء النادي الأهلي، بالإضافة إلى إسحاق حلمي، أول سباح مصري يعبر المنش الذي تحمل اسمه المجموعة الثانية.


يُضاف إلى ذلك سعي قوى الشباب إلى تلبية حاجة المجتمع إلى استراحة بعد سنوات من الجدل والخلاف السياسي والتظاهرات والاحتجاجات التي يعج بها الشارع المصري من خلال الانصراف إلى أنشطة تستوعب طاقة الشباب مثل الأنشطة الرياضية والفنية.


وقال جورج إسحق، السياسي وأحد مؤسسي حركة كفاية، لبي بي سي إن الشعب المصري في حاجة إلى الهدوء والسلام بعد سنوات من الحراك السياسي حتى يتسنى له استعادة الرؤية الواضحة واتخاذ القرارات الصحيحة فيما هو قادم.


فسيطرة السياسة على جميع فئات المصريين ليست بالأمر الجيد، حيث صرفت الناس عن معاناتهم الحقيقية ومشكلاتهم التي لا حصر لها ولابد من العودة إلى العمل المدني لإصلاح ما فسد وإحراز تقدم.


وأضاف أن السياسة لها من يقوم عليها من قوى سياسية وثورية وأحزاب وحركات تنشغل في إقامة الدولة المدنية على أسس سليمة بينما ينصرف باقي المجتمع لحل مشكلاته وتوفير حياة أفضل.


وعن التمويل الذي تعمتد عليه المؤسسة بصفة عامة، قال عضو مجلس إدارة مؤسسة بلادي محمد


حسانين لبي بي سي إن الفكرة كانت تحتاج إلى من يدعمها في البداية مما دفع الشباب مؤسسي بلادي إلى تأسيس شركة أعمال نظافة حصلت على ترخيص وتصريح بالعمل من الهئية العامة للنظافة وأدرت بعض الأرباح التي استغلت فيما بعد في تأسيس الكيان الذي أطلقوا عليه بلادي جزيرة للإنسانية .


أما عن تمويل الحدث المقرر أن تشهده شوارع القاهرة يوم 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل في إطار حملة إجري من السياسة ، فلن يشغل بال المؤسسة حيث تبرعت كل الفرق المشاركة في الحدث بالعزف والغناء مجانًا بينما تبرع أحد المشاركين من الرموز السياسية بمنصة ضخمة يمتلكها لإقامة العروض ولم يتبق سوى اللافتات والمطبوعات الخاصة بالحدث والتي سوف تقوم المؤسسة بتحمل نفقتها.


من المفارقات الطريفة أن يكون الهدف من الحدث هو الهروب من السياسة والخروج من دائرة الجدل الدائر في مصر بينما تتلقى مؤسسة بلادي طلبات رعاية ومشاركة في الحدث من أحزاب سياسية منها المصري الديمقراطي الاجتماعي والمصريون الأحرار، إلا أن المؤسسة رفضت استغلال الحدث سياسيًا.


كما شارك في الحدث عدد من رموز السياسة المصرية من بينهم جورج إسحق، السياسي وأحد مؤسسي حركة كفاية وممدوح حمزة، سياسي ورجل أعمال بالإضافة إلى نقيب الصحافيين ضياء رشوان والشاعر أمين الديب والقيادي السابق بحزب الأحرار عادل فخري دانيال.


ويبدو أنه اتجاه جديد بين قوى الشباب، حيث يرى العاملون بالمؤسسة أن السياسة أصبحت محرقة لكل جهد من شأنه أن يصب في صالح المجتمع.


ودفع ذلك الشباب إلى تقديم خدمات حقيقية للمواطن يستطيع أن يلمس آثارها في حياته اليومية، وهي بالنسبة له أفضل من الشعارات الرنانة والهتافات والتظاهرات والتجمعات المطالبة بالحرية والديمقراطية.


رغم ذلك، يرى حسانين أنه لن يتمكن من العمل دون إقرار دولة قانون توفر الحرية والديمقراطية وتحارب الفساد مما يستلزم استمرار العمل السياسي الصحيح على أيدي من تخصصوا في ذلك وتكون لديه الوعي اللازم لممارسة السياسة.


فليس هناك تعارض بين العمل المدني والعمل السياسي لأن كليهما محوران للعمل على تحقيق صالح المواطن.


وينصب اهتمام المؤسسة على الفن والرياضة والأنشطة الترفيهية والتثقيفية كوسائل لجذب الشباب لممارسة العمل المدني.


كما نظمت عدة أحداث فنية ورياضية محدودة استقطبت المزيد من المشاركين في أنشطتهم بالإضافة إلى مشروع تجميل شارع الاقصر بحي إمبابة ليكون أحد أجمل شوارع الجيزة ويؤكد على نجاح شباب المؤسسة في أول اختبار لها.


قال نقيب الصحافيين ضياء رشوان، أحد المدعوين إلى الماراثون، إنه اتجاه جديد يستغل الرياضة والفن لجذب الشباب إلى أحداث مماثلة ويساعدهم على تبادل الخبرات وتوجيه طاقاتهم إلى خدمة المجتمع ومن الممكن أن يتسع نطاقه ليساعد على تعزيز الروابط بين الأمم إذا ما أُجري على مستوى دولي.


يواجه شباب مؤسسة بلادي والمؤسسات التي تقوم بنفس الدور تحديًا جديدًا. فبجانب البريوقراطية والتعقيدات الحكومية، هناك متاعب متوقعة من نوع آخر في انتظارهم، حيث أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية على الأبواب، وهو ما سيدفع بالمرشحين إلى ممارسة العمل المدني لاستمالة جمهور الناخبين.


هنا يبدأ الاشتباك بين المنحازين للعمل المدني وصالح المواطن والعاملين من أجل مكاسب انتخابية.


بهذا الصدد، جاء في تصريحات جورج إسحق أن هؤلاء الشباب ومن يحذو حذوهم سوف يحققون نجاحًا كبيرًا في العمل المدني وخدمة المجتمع إذا التزموا الاستقلالية عن التيارات السياسية واستمروا على نفس النهج المنحاز لصالح المواطن.


وأضاف قائلا ولا أخشى عليهم من الانحياز لتيار أو اتجاه سياسي، حيث لا تشكل المرحلة المقبلة خطرًا كبيرًا على استقلاليتهم لأن مفهوم نائب الخدمات انتهى وسوف نرى في الانتخابات البرلمانية المقبلة مرشحين يدركون أن الخدمات ليست البوابة التي سيمرون عبرها إلى البرلمان.


وللتغلب على هذاالنوع الجديد المعوقات، سوف تلجأ مؤسسة بلادي إلى مقاومة أي محاولة لاستغلالها أو استغلال أعمالها أو استغلال المواطن الذي تعمل في خدمته لتحقيق مصالح شخصية لمرشحين برلمانيين أو رئاسيين أو ساعين وراء الحصول على مناصب في الدولة وفقًا لحسانين.


كما أعلنت المؤسسة أنها لن تتعاون مع أي حزب أو حركة في العمل المدني خلال الفترة الحالية وحتى انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية تفاديًا لاستغلال المؤسسة سياسيًا.


وقال القيادي السابق بحزب الأحرار عادل فخري دانيال، الذي شارك في الحدث، لبي بي سي إن هؤلاء الشباب يستهدفون العمل المدني ويستخدمون النشاط الرياضي والفني لصالح المجتمع بينما تعتبرهم الأحزاب السياسية هدفًا يمكن استغلاله في الترويج لها ولمرشحيها.


وأضف قائلا وهو ما يتطلب منا أن ندعمهم ونساعدهم على تكرار تنظيم فاعليات مماثلة كل شهر حتى نخرج بالمجتمع من المعركة السياسية إلى العمل في بناء الدولة.





0 التعليقات:

إرسال تعليق