بعد 51 يوما من الحرب التي شهدتها غزة والقصف المتبادل بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية توقفت أصوات القصف والصواريخ لتبدأ هدنة طويلة الأمد بين الجانبين طبقا لاتفاق تم التوصل إليه في القاهرة ، لكن وبعد كل تلك الأسابيع من القتل والتدمير يطرح كثيرون سؤالا عن الثمن الذي دفعه الجانبان طوال كل تلك الأسابيع وهل يساوي ذلك الثمن ما حصل عليه الجانبان؟
وكان كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي قد خرج ليعلن عن نصره وتحقيقه أهدافه من الحرب التي دامت سبعة أسابيع ، فقد شهدت شوارع غزة مسيرات حاشدة خرج فيها المواطنون الفلسطينيون رافعين الأعلام الفلسطينية احتفالا بال” انتصار الذي حققته المقاومة على الاحتلال الإسرائيلي”، وتحدث العديد من قادة فصائل المقاومة الفلسطينية عن فشل “الاحتلال الإسرائيلي” في حربه التي شنها على غزة فشلا متعدد الأوجه استراتيجيا وسياسيا وعسكريا مشيرين إلى أن إسرائيل فشلت في كسر صمود المقاومة الفلسطينية وتحقيق أهدافها من الحرب ومؤكدين على أن حرب غزة ضربت نظرية الأمن القومي الإسرائيلية ومن حيث الواقع ترى هذه الفصائل أن الاتفاق يمثل خطوة هامة على طريق رفع الحصار المفروض على غزة منذ سنوات.
لكن وعلى الجانب الآخر فإن الخسائر المادية التي تكبدها الجانب الفلسطيني تبدو هائلة فقد أسفر القصف الإسرائيلي الذي استهدف غزة منذ السابع من يوليو تموز الماضي عن مقتل اكثر من 2100 فلسطينيً وإصابة حوالي 10 آلاف آخرين بجراح متفاوتة وفق إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية ، إضافة إلى دمار مادي واسع في القطاع الذي يقطنه حوالي 1.9 مليون فلسطيني. وتقدر الأمم المتحدة عدد الفلسطينيين الذين شردتهم الحرب في غزة بحوالي 100.000 فلسطيني
وكان رئيس بلدية غزة نزار حجازي قد قال في حديث سابق وقبل سريان الهدنة لوكالة أنباء الأناضول التركية إن خسائر بلديات قطاع غزة، جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع بلغتوفق تقييم أولي، نحو 50 مليون دولار، وأضاف حجازي، أن “الاحتلال الإسرائيلي دمر خلال حربه على قطاع غزة ما يزيد عن 5000 منزلا، وطرقات وشبكات مياه وصرف صحي و12 بئر مياه بشكل كامل”.
على الجانب الإسرائيلي لا يختلف المشهد كثيرا إذ يكرر المسؤولون الإسرائيليون مرارا أن حربهم ضد غزة حققت أهدافها خاصة فيما يتعلق بالقضاء على القدرات القتالية لحركة المقاومة الإسلامية حماس خاصة تدمير الأنفاق التي كان يستخدمها مقاتلو الحركة في عملياتهم والحد من قدرتهم على إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل
لكن الحقيقة هي أن الحرب في غزة كبدت إسرائيل خسائر لا يستهان بها ووفقًا لبيانات رسمية إسرائيلية فقد أسفرت المعارك مع فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة عن قُتل 64 عسكريًا وثلاثة مدنيين إسرائيليين، بينما تقول كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إنها قتلت161 عسكريا، وأسرت آخر.
وتبدو أكبر الخسائر في الجانب الإسرائيلي متركزة في الجانب الاقتصادي إذ نقل عن وزير المالية الإسرائيلي يائير لابيد قوله إن الحرب على غزة اضافت نفقات لم تكن في حسبان إسرائيل ، وجاءت تصريحات لابيد في وقت أجلت فيه الحكومة الإسرائيلية أكثر من مرة إقرار موازنتها للعام 2015 بسبب ارتفاع قيمة العجز بها وكانت صحيفة “معاريف” قد قالت إن كلفة الحرب الإجمالية تتراوح بين 15 و20 مليار شيكل (من 4.4-5.86 مليارات دولار)، موضحة أن الجيش وحده أنفق حوالي عشرة مليارات شيكل (2.9 مليار دولار) .
وبجانب الخسائر في الأرواح والخسائر المادية تبدو إسرائيل خاسرة على مستوى صورتها الدولية إذ أن حملة القصف الجوية التي شنتها على مدى أسابيع على غزة وما أسفرت عنه من ضحايا خاصة في صفوف المدنيين بما فيهم الأطفال والعجائز أدت إلى غضب واضح في أوساط الرأي العام الدولي ربما لن يخفت قريبا وربما يجعل إسرائيل تعاني من حالة من العزلة الدولية ويفعل دعوات من أجل محاكمة مسؤولين إسرائيليين بتهم جرائم حرب جراء ما قاموا به في غزة.
برأيكم
هل كان ثمن تلك الحرب باهظا في غزة؟
وهل كان اندلاع الصراع أمرا حتميا ؟
لماذا وافق الطرفان على التهدئة والهدنة في هذا الوقت بالذات ؟
هل سيصمد هذا الاتفاق طويلا وهل يمهد لحل نهائي؟
كيف سيكون تأثير الاتفاق على مواقف السياسيين في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق