عدن – أنيس البارق : عدن – لم تكن مايا تعلم وهي تضع آخر صورة شخصية لها على حسابها في ‘فيسبوك’ أن ما هو مكتوب في الصورة سيتحقق بعد أيام فقط، لكن بطريقة مأساوية.
وكانت ‘مايا’ وهي طالبة في معهد لتدريس اللغة الإنجليزية بمدينة عدن كبرى مدن جنوب اليمن، قد اختارت في العاشر من الشهر الجاري صورة لحسابها على فيسبوك، مكتوباً فيها باللغة الإنجليزية عبارة تقول ‘أحياناً، أنت تحتاج فقط استراحة من كل شيء’.
وبعد تسعة أيام كتبت صديقتها نورا ناصر تعليقاً يقول ‘لقد حصلتِ على استراحتك’، وذلك بعد أن توفيت مايا في حادث سير على الطريق البحري السريع الواصل بين شبه جزيرة عدن الكبرى والساحل الجنوبي للجزيرة العربية.
احتجاج
وأثارت الحادثة التي أودت بحياة شخصين آخرين كانا أيضاً على متن الحافلة نفسها غضب الكثيرين من الشباب، ودشنوا على مواقع التواصل الاجتماعي حملة لتنظيم احتجاج أمام مبنى إدارة المرور في عدن، حملت اسم ‘كفاية استهتار’.
ويشكو كثيرون من تجاوز بعض سائقي الحافلات والمركبات الخاصة السرعات المحددة في لافتات تنتصب على الطريق البحري الذي يمتد لنحو سبعة كيلومترات، ويخلو من أجهزة الرادار ونقاط المرور للمراقبة.
ويقول نوار أبكر وهو منشئ الحملة لـ’هنا صوتك’: ‘تأثرت كثيراً عندما رأيت شريط فيديو للحادث، منظر كهذا يجب أن يحرك الضمائر، جميعنا نعبر كل يوم على هذا الطريق السريع، لهذا يجب أن تكون هناك وقفة جادة’.
واستمرت الدعوة إلى الحملة أسبوعاً، واجتذبت في موعد تنفيذها الثلاثاء الماضي، العشرات الذين اعتصموا أمام مبنى إدارة المرور في المدخل الجنوبي للطريق السريع ورفعوا لافتات تندد بالسرعات الجنونية للسائقين على الطريق البحري.
وشارك زملاء مايا في الاحتجاج الذي دعا له مؤسسو الحملة، وقال بعضهم إنهم قد لا ينتظرون حتى انتهاء المهلة المحددة من نشطاء الحملة بشهر كامل.
أهداف
وتطالب الحملة في وثيقة اطلع عليها ‘هناك صوتك’ بتوفير مركبة ونش الخاصة برجال المرور، ومركبة إسعاف في منتصف الطريق البحري، و’إعادة جهاز الرادار، في أربعة أماكن متفاوتة على الجسر خلال شهر’، و’فرض غرامات رادعة للمخالفين’، و’ضبط مواعيد خروج الشاحنات الضخمة (القاطرات) من ميناء المنطقة الحرة وإيقافها في أوقات الزحمة’، و’إعادة توزيع رجال المرور في نواحي عدن’، و’تشكيل لجنة من حملة كفاية استهتار لمتابعة تنفيذ المطالب المشروعة’.
وعملياً تغيب شرطة المرور في الطريق السريع الذي يكتظ بالمركبات في وقت الظهيرة ويتسع فقط لأربعة خطوط ذهاباً وإياباً، ويشهد منذ سنوات أعمال توسيع متقطعة لإضافة خطوط موازية على جانبيه، قد تقلل من ازدحام المركبات فيه وحوادث الاصطدام المرتبطة بالسرعات المخالفة.
تجاوب
ويعتبر اياد الحميدي وهو المسؤول الإعلامي في الحملة أن ‘الاحتجاج جاء بنتيجة إيجابية، إدارة المرور طلبت الجلوس معنا، واتفقنا على العمل المشترك’.
ويضيف ‘التجاوب كان إيجابياً، من الشباب الذين حضروا الوقفة، ومن إدارة المرور أيضاً’، في حين يؤكد أبكر ‘التقينا في اليوم التالي من الوقفة الاحتجاجية بمدير مرور عدن ونائبه وأكدا لنا أن مطالبنا مشروعة، وهي ليست مطالب ولكن واجبات على إدارة المرور تنفيذها وكانت موجودة من سابق’.
ومن غير الواضح أسباب إزالة أجهزة الرادار في الجسر البحري، ودوريات المرور في مواقفه الجانبية التي تزامن وجودها مع كأس الخليج في نسخته العشرين وانسحبت بانتهائه، وقال أبكر إن ‘إدارة المرور أكدت تنفيذ بعض مطالب الحملة’، موضحاً ‘أنا سعيد ومتفائل، نحن لن نتوقف وسنواصل’.
حملة جديدة
ويؤكد الحميدي لـ’هنا صوتك’: ‘سنبدأ قريباً حملة توعية جديدة على طرفي الجسر البحري، سننتشر لنوضح للسائقين أن الانطلاق بسرعات عالية سيزيد من معدلات الحوادث والوفيات، وسنطلب منهم إغلاق أبواب الحافلات أثناء السير’.
ويقول أبكر إن ‘أنشطة هذه الحملة الجديدة تحتاج إلى تنسيق مع رجال المرور ورجال الأمن، أخبرونا في إدارة المرور بإمكانية التنسيق، وسنعمل على ذلك’، مضيفاً ‘سننفذ حملات توعية وحملات نزول إلى الميدان لمساعدة رجال المرور في تنظيم حركات السير وتنظيم حركة مركبات النقل العام ممثلة بالحافلات’.
ومن شأن تحقق أهداف الحملة إحياء ضمائر سائقي المركبات على الطريق السريع، والالتزام بالسرعات المحددة في لافتات خضراء على جانبي الطريق، والالتزام بسبل السلامة لتخفيض عدد حوادث السير.
0 التعليقات:
إرسال تعليق