الخميس، 29 مايو 2014

“الحراك السري”: وثائقي يبحث تاريخ المعارضة في السعودية

استطاعت بي بي سي العربية الحصول على صور غير مسبوقة والوصول إلى زعماء المعارضة المناهضين للحكومة السعودية في الأقليم الشرقي بالمملكة وذلك من خلال فيلم وثائقي بعنوان الحراك السري للسعودية ، الذي يذاع يوم الجمعة 30 مايو/أيار 2014، ويبحث من خلاله أندرو هاموند، الصحفي البريطاني، تاريخ المعارضة والإصلاح داخل المملكة.


يميل حكام السعودية إلى تقديم البلاد على أنها مساحة لا تخضع لتطبيق قواعد السياسة المتعارف عليها.


كما يروجون صورة عن السعودية كأنها يوتوبيا (مدينة فاضلة) إسلامية، تحاكي الشريعة كما طبقت في بدايات العصر الإسلامي، مع تولي آل سعود زمام الشؤون السياسية للبلاد إلى جانب ضمان العلماء تطبيق الشريعة في المجتمع.


ويغني هذا التصور في حد ذاته عن الحاجة إلى وجود أحزاب سياسية وسلطة تشريعية منتخبة أو الحق في الاحتجاج لعدم اختلاف الرأي داخل مجتمع تنظمه قواعد إلهية.


ومن ثم عندما ظهرت المعارضة علنا في المجتمع، سرعان ما تحرك النظام الحاكم وبمنتهى الحسم لقمعها.


ظل هذا الوضع هو المتبع بصفة خاصة منذ تولي الملك فيصل مقاليد السلطة عام 1964، وانتهاء عشر سنوات من التعبئة للقومية العربية واليسارية عندما وقعت الأسرة الحاكمة تحت وطأة ضغوط نقل السلطة لرعاياها.


ومن أبرز الأحداث تلك التي وقعت عام 1979 عندما سيطرت مجموعة من المتعصبين السلفيين على المسجد الحرام في مكة، واحتجاج الشيعة في الإقليم الشرقي عام 1980 اعتراضا على حكم السنة، ودعوة من داخل صفوف العلماء تطالب بنظام برلماني عام 1991، وتمرد القاعدة (2004-2006) ومجموعة من المناشدات المطالبة بإجراء إصلاحات ديمقراطية مع بداية الألفية الثانية.


شهدت السعودية خلال السنوات الثلاث الماضية موجة من المعارضة تبعها نمط من النشاط الدوري المعارض داخل نظام سياسي يعاني من القمع.


لكن النظام الحاكم بدا هذه المرة أكثر جدية في رؤيته للتهديدات مقارنة بردود فعله السابقة.


لقد هزت الانتفاضات العربية التي بدأت في تونس في ديسمبر/كانون الأول 2010 أسرة آل سعود لعدة أسباب: فالولايات المتحدة باتت غير راغبة أو عاجزة عن إنقاذ حليف لها منذ زمن طويل مثل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، كما انتشرت الانتفاضات في منطقة مجلس التعاون الخليجي مع اندلاع احتجاجات في البحرين وعمان، في الوقت الذي قدمت حركات الاسلام السياسي نموذجا إسلاميا للتمثيل الديمقراطي والتغيير.


وحال آل سعود دون تحول هذه الظاهرة إلى حركة جماهيرية حاشدة قد تجبر على التخلي عن السلطة – وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من الاجراءات: الانفاق الهائل على الدوائر الانتخابية الرئيسية في البلاد، والضغط على العلماء المدعومين من الدولة من أجل التنديد بالاحتجاجات والمعارضة ووصفها بأنها غير إسلامية، وكذا الفرصة التي هيأتها احتجاجات الأقليم الشرقي في مارس/أذار عام 2011 لتشوية الاصلاح وتعبئة الشارع وهي في العرف السعودي ظاهرة يقودها الشيعة وتشجع على الانفصال.


من جهة أخرى استفاد آل سعود من الطبيعة المتفاوتة للمعارضة في السعودية.


فهناك عدد من الأصوات المختلفة التي تدعو إلى التغيير والإصلاح: الشيعة في الشرق، والنساء في البريدة الواقعة في شمال العاصمة الرياض اللائي نظمن احتجاجات ضد اعتقال أقاربهن وكبار علماء الدين بدون إجراء محاكمات، فضلا عن سلسلة مطالبات تنادي بالإصلاح، وكذا النشطاء البارزين بما في ذلك أولئك الذين يستعينون في نشاطتهم بموقع التواصل الاجتماعي تويتر.


وربما كان أبرز نجاح حققته الأسرة الحاكمة هو الحفاظ على هذه الدوائر المختلفة بعيدة عن بعضها، وعدم قدرتها على الاندماج في كيان حركة واحدة من أجل التغيير.


وتجدر الإشارة إلى أن الإسلاميين المسجونين يوضعون في سجون منفصلة.


كما كان رد الفعل الرسمي تجاه ظاهرة المعارضة باستخدام الإنترنت انتقائي للغاية، فعلى سبيل المثال منع رجل الدين البارز، الشيخ سلمان العودة، الذي يستخدم موقع التواصل الاجتماعي توتير، من السفر ومغادرة البلاد لكنه لم يسجن، في الوقت الذي تفرض فيه عقوبات صارمة على نشطاء آخرين من الشباب أمثال الناشط رائف بدوي .


من جانبها وضعت الحكومة السعودية هذا العام قانون الإرهاب الذي يسمح باعتبار أي شكل من أشكال المعارضة السياسية بمثابة نشاط محظور، ومنها التعبير عن التعاطف مع الإسلاميين المصريين الذي قتلوا في اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة عام 2003 إلى القتال في سوريا بين الجهاديين.


ومع اتساع نطاق المعارضة ومصادرها المحتملة، يعمد النظام الحاكم في السعودية إلى القاء شباكه قدر الإمكان على أن يجذبها كلما سنحت له الفرصة وتهيأت.


أندرو هاموند، صحفي بريطاني ومؤلف كتاب اليوتوبيا الإسلامية، وهم الإصلاح في المملكة العربية السعودية (دار نشر بلوتو، 2012)


الحراك السري في السعودية، وثائقي يذاع على قناة بي بي سي العربية في الساعة 1710 بتوقيت غرينتش يوم الجمعة، 30 مايو/أيار ، وتعاد إذاعته أيام 2، 3، 4 يونيو/حزيران.





0 التعليقات:

إرسال تعليق