كثيرة هي المفردات في حياتنا التي تتشابه معانيها بالنسبة لنا، ويأتي هذا بسبب الاستسهال وعدم الرغبة في البحث والتطوير، حيث إن الناس اجمالاً تتساهل وتفترض الترادف في الكلام، حتى تأخذ اقرب المعاني وأولها قدوما على البال، كل هذا من شانه ان يعمل على إفقاد الكلمات لجوهرها ومعانيها الأصلية، وهذه المشكلة موجودة عنا نحن العرب، فكل شيء لدينا متشابه لا نلحظ الفوارق الدقيقة ولا نهتم بالتفصيلات، على عكس ما كنا، فقد كان العرب القدماء يهتمون جداً بالتفاصيل وهم دائمو البحث عن أدق التفاصيل ومعرفة ما خفي من حقائق. يظهر هذا متجلياً أكثر ما يمكن في تعاطينا مع القرآن الكريم، فهناك الكثير من الكلمات التي ظنناها متشابهة ولكنها في حقيقتها مختلفة كل واحدة منها تعطي معنى آخر غير الذي تعطيه الأخرى، وعدم ملاحظة هذه الفوارق مردها إلى أن علماء القرآن والدين، لم يعطوا اهتمامهم وجهدهم في البحث عن هذه الفوارق كما ينبغي بل انشغلوا بأمور أخرى لا يتسع المقام لذكرها، مما جعل كلمات القرآن التي يبدو عليها التشابه متطابقة مع بعضها البعض عندهم ومن ثم عند العامة، إلا بعض العلماء الذين اشتغلوا على موضوع الدلالات القرآنية وحاولوا قدر المستطاع العمل على إيضاح المتشابه من الكلام، وتبيان معانيها، بحيث تصبح مقبولة عقلياً، إذ انه لا يعقل أن يكون القرآن الكريم كلام الله المنزل وأن توضع الكلمات جزافاً، فكل حرف في القرآن الكريم له معنى مختلف عن الحرف الذي يليه، وله سبب جعله يكون في هذا الموضع من القرآن الكريم. فالقرآن الكريم لا يحتوي على زيادات أو كلمات متشابهة، فكل كلمة هي بحر لوحدها، وكل كلمة تفيد معنى آخر غير المعنى الذي تفيده الكلمة التي يظن انها رديف لها. من أبرز هذه الكلمات التي التبست على العلماء وعلى الناس النفس والروح، فقد حصل خلط أدى إلى التباس المعاني، وتفسير الروح على أنها هي النفس، ولكن الظاهر أن النفس هي ذات الإنسان التي تموت وتحيا وتعذب وتنعم، وتغتم وتحزن وتفرح وتسعد، وهي ذاتها موجودة عند جميع الكائنات الحية التي خلقها الله تعالى. ولكن الله تعالى اختص الإنسان بالروح، فالروح هي التي أهلته لأن يكون إنساناً وأن يمتلك شغف المعرفة والاطلاع والبحث والسير و في الأرض وحب الاطلاع على الغيبيات والماورائيات، و لقد شرف الله تعالى الروح حين ردها إليه، كما انه شرف بني آدم بان خصه بها، فالروح بخلاصة هي حقيقة الإنسان التي جعلته إنساناً.
مصدر هذا الموضوع : ما الفرق بين النفس والروح
0 التعليقات:
إرسال تعليق