الأربعاء، 23 مارس 2016

ما هما الاسودان

ما_هما_الاسودان

كثُرت الأقاويل عن معنى كلمة ( الأسودان ) ، لنجد براهينَ عدّة تخصّ المعنى و الدلالة . جاء في ( تاج العروس ) و من المجاز : ” ما طعامُهُم إلاّ الأسودان و هما التمرُ و الماء ” ، و يقصدُ بالأسود التمر فقط بدون الماء ، حيث هذا التمر هو الغالب على تمر المدينة ، و نُعت الماء بذلك لأنّه مُصطحباً معه ، حيث كان العرب يطلقون التسمية الواحدة على الشيئين المترافقين اللذين لا يفترقا عن بعضهما البعض ، كصديقين متلازمين أو كأخويين توأمين . و قد كثُرت التفسيرات عن كلمة ( الأسودان ) حيث كانت لغزاً نطقت به السيّدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها . و قد ذكرت الكتب ، بأنّ السيّدة عائشة حينما كانت تُحادث عروة قريبها ، و تفضي له حينما سألها عن حالها ، لتخبره بأنّها كانت تقضي أيّامها تنظر للهلال في شهرين كاملين ، و لم تكن لتُشعل ناراً في بيت رسول الله صلى الله عليه و سلّم ، كإشارةٍ منها لفقر حالهم ، ليبادر عروة سؤالها عن طعامهم و ما يعيشهم و يسدّ رمقهم و يقيتهم ، فلم يكن منها إلاّ أن نطقت بكلمة واحدة و هي : الأسودان . و ما تأكيد أبو عبيد القاسم بن سلام إلاّ يقيناً ، بأنّ قولها الأسودان إنما تقصد به التمر تحديداً ، و وصف الماء أيضاً بذلك ، لكونه مترافقاً للتمر ، و ما اختلاط التمر بالماء إلاّ يتغيّر لون الماء فيصبح أسود أيضاً. و قد أشار بعض الشرّاح بأنّ أمّ المؤمنين أرادت الحرّة و الليل ، حيث لو كانت تقصد التمر و الماء ، لكانت في سعة و خير و نعيم و رغد في العيش ، و لكنّها كانت تقصد الضّنك و الشدّة و الضيق من حالتهم . و أُكِّد في ( لسان العرب ) على أنّ الأسودان هما التمر و الماء ، و أيضاً الماء و اللبن ، و ذكر أيضاً أنّه الماء و الفَثّ الذي هو نوع من البقل يؤكل ، ذاكراً : ” الأسودانِ أبرَدا عِظامي الماءُ و الفثُّ دوا أسقامي ” . يروى أنّ حجازيّاً قال لرجلٍ كان في استضافته ، بأنّ لا شيء لديه إلاّ الأسودان ، ليُسرّ الضيف بالخير الكثير الذي يتوقّعه من هذا المضيف ، فيخبره الحجازيّ بأنه ربّما اعتقد أنّه يقصد التمر و الماء ، و لكنّه ما قصد إلاّ الليل و الحرّة . و لعلّني أرجّح رأي إحدى مشايخ العجم في الباكستان ، حين أتاه إثنان من طلبة العلم ، حيث قام بتقديم الأسودان كضيافةٍ ، و فسّر لهما أنّ التمر هو سيّد المأكولات ، و الماء هو سيّد المشروبات ، و ما المقصود بالأسودان إلاّ أنّهما السيّدان . – المصادر : فتاوى الشبكة الإسلاميّة – المؤلّف : لجنة الفتوى بالشبكة الإسلاميّة . أدب الكتاتب لابن قتيبة – باب ما جاء في مثنى في مستعمل الكلام . غريب الحديث و الأثر – ابن الأثير . فتح الباري – ابن حجر – 5/ 199 .

مصدر هذا الموضوع : ما هما الاسودان



0 التعليقات:

إرسال تعليق